أتى اليوم المشهود حينما أزال الأغبرة المتراكمة عن تلك الوثائق السرية، وما إن فتحها وبدأ قراءتها حتى تغيَّر حال صديقنا، فلم يستطع النوم واستمر طوال الليل يقلِّب الوثائق دون أن يهدأ له بال أو تغمض له عين، والأكثر من ذلك أنَّه طلب إجازةً من العمل دون سابق تحضيرٍ لها؛ إنَّه ببساطة: وقع على كنزٍ دفين؛ إذ كانت لصفحات هذه الوثائق أثر السحر عليه؛ فهي تشده واحدةً تلو الأخرى وكأنَّ بها سرَّاً عظيماً، وكانت فحواها تعود لمذكرات شاب من آسيا الوسطى وتحديداً في منغوليا، وكان قد كتبها قبل 1200 عام ليحكي فيها عن أحداثٍ عاشها خلال تلك الحقبة.
عاد صديقنا إلى العمل مجدداً، ولكنَّ الغريب أنَّ عودته لم تكن عاديةً؛ إذ إنَّه لم يكن الشخص ذاته الذي غاب عنا قبل فترة وجيزة من الزمن؛ فقد وجدناه يشع طاقةً وإيجابيةً، ووجهه ونظراته فيها شيء غريب، وعيناه تلمعان من شدة الحماسة؛ وهذا ما لم نعهده عليه سابقاً الأمر الذي أثار فضولنا ودفعنا لنسأله عن سر هذا التحول العظيم.
جلس على كرسيه مسنداً ظهره وقد أطلق تنهيدةً عميقة ليقول لنا: "لقد اطَّلعتُ على شيفرات وأسرار النجاح في هذه الحياة" حينما قرأتُ تلك الوثائق.
ارتسمَت على ثغره ابتسامة عريضة وقال: إنَّه "كايدو" البطل....
شاب من منغوليا ذو همة وطاقة عالية، أراد أن يحقق طموحه فبدأ رحلة البحث عن هدفه في الحياة، فلم يجد هدفاً له أفضل من أن يكون قائداً فذاً في جيش "جنكيز خان" العظيم. ولتحقيق هذا الهدف كان عليه الاستماع إلى النصائح المقدَّمة له، وإحدى تلك النصائح كانت من والده الذي أخبره أنَّه في حال أراد أن يحقق هدفاً ما، عليه جمع معلوماتٍ كافية ودقيقة حتى يتمكن من رسم خارطة الطريق التي يسير عليها ليعتنق هدفه.
وضع "كايدو" نصيحة والده نصب عينيه بادئاً رحلة جمع المعلومات والاطلاع على شروط ومعايير الانضمام إلى جيش "جنكيز خان" العظيم، وفي أثناء ذلك استوقفه شرط ومعيار وضعه "جنكيز خان" بنفسه لكل من يريد أن يصبح قائداً في جيشه؛ وهذا المعيار هو "أن يقوم المرء باصطياد ذئب دون استخدام أي سلاح".